إن المطلع على حياة الإمام الصادق عليه السلام الفكرية و نهضته العلمية يستطيع أن يرى بوضوح غزارة فكر الإمام و بعد نظره و انفتاحه على غيره و مجادلته لمخالفيه بالتي هي أحسن متبعا قول الله تعالى: ( وجادلهم بالتي هي أحسن).
إن الإمام الصادق عليه السلام بما كان يملك من علم و عمل كان مثالاً لمن يدعوا إلى الله سبحانه بمنهج علمي متزن حيث كان عليه السلام صاحب حلقة عظيمة في مسجد جده رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بلغ عدد حضورها ما يربوا على 4000 آلاف طالب علم كلهم يقول حدثنا جعفر بن محمد الصادق!
مع هذا الكم العظيم من المتبعين له و المؤيدين لفكره عليه السلام كان دائما يردد هذه المقولة الشهيرة )أحب أخواني إليّ من أهدى إليّ عيوبي). كان عليه السلام يقولها ليس نقصا في شخصه و هو الإمام المعصوم و لكنه أراد أن يصنع منهج و ثقافة النقد البناء.
إن المتتبع لما يحدث في مجتمعاتنا يرى أن كل مجموعة تنتقد فكر مجموعة أخرى و لكن جل هذه الانتقادات يكون بالتسقيط و البيانات الرنانة التي إن حلّلنا مضمونها سوف نستخلص منها هدفاً واحداً و هو إسقاط أفراداً بعينهم بغض النظر عن فكرهم و هذا ما يسمى بالنقد الهدام الذي إن استمر سوف يهدم سقف المجتمع على رؤوس أهله من خلال إسقاط الناس بعضهم لبعض !
إن من أساسيات النقد البناء أن يكون ذلك عن طريق النصيحة في السر تجنبا للفتن الاجتماعية التي تشتعل كالنار في الهشيم فور صدور بيان أو نقد من جهة إلى أخرى!
إن تطبيق منهج النصيحة في السر ينبغي أن يشيع بين أفراد مجتمعنا، لاسيما بين الزوج و زوجته، و الأخ و أخيه، و الصديق و صديقه، و بين طلبة العلوم دينية أيضاً اقتداء بمنهج الإمام الصادق عليه السلام )أحب أخواني إليّ من أهدى إليّ عيوبي). فسلام عليك يا أبا عبدالله يوم ولدت و يوم استشهدت مسوماً مظلوماً و يوم تبعث حياً.