خوفاً من الأنفلونزا.. عرسان يتنازلون عن رحلة شهر العسل

أبها والطائف والباحة بدائل لفينيسيا وماليزيا وجزر المالديف

موسم الصيف الحالي قد يشهد تراجعاً في أعداد قاصدي الوجهات السياحية العالمية
أبها: تغريد العلكمي

في ظل استشراء المخاوف من الإصابة بعدوى مرض "أنفلونزا الخنازير"، عدل الكثير من السعوديين عن خططهم المسبقة بالسفر إلى الخارج وخاصة إلى الدول الأوروبية والآسيوية، كما عدل الكثير من العرسان الجدد أو الذين يعتزمون إتمام مراسم زفافهم في العطلة الصيفية عن أحلامهم بقضاء شهر عسل جميل والاستغراق في رحلة جميلة في إحدى الجهات السياحية العالمية الشهيرة.
وقد طالت خيبة الأمل الكثير من الأبناء الذين توشك مدارسهم على إغلاق أبوابها يوم الأربعاء المقبل، بعد انقضاء فترة الاختبارات، بعدما داعبتهم الأماني والخيالات ووعود الآباء البراقة طوال العام الدراسي بالسفر إلى الخارج للاستمتاع برحلة صيفية جميلة في إحدى الدول الأجنبية.
وقد اضطر الكثير من السعوديين من آباء وأزواج وعرسان جدد إلى تغيير وعودهم لأبنائهم وزوجاتهم بالسفر إلى الخارج وقضاء العطلة الصيفية في إحدى الدول الأجنبية أو العربية التي تشتهر بمناخها المعتدل وطقسها الجميل ومصايفها اللافتة، مفضلين بدلاً عن التوجه إلى تلك الدول الاكتفاء بقضاء إجازة العطلة الصيفية أو شهر العسل في مصايف أبها والطائف والباحة، وهي المدن السعودية التي لطالما اشتهرت بمناخها المعتدل وصيفها الجميل ونسيمها البارد وهوائها العليل.
وقد استبدل السعوديون هذه المصايف المحلية الشهيرة بمدن ووجهات سفر ذات سمعة عالمية مرموقة، مثل: ماليزيا وفينيسيا وجزر المالديف، والتي تصنف على أنها من أفضل وأجمل الوجهات السياحية العالمية، كما أنها تتصدر قائمة البلدان الأكثر طلباً للسفر لدى وكلاء السياحة والسفر في كافة دول العالم.
وفي ظل هذا التغيير المفاجئ وغير المتوقع على خطط السفر التي كانت تعد لها العديد من الأسر السعودية، وجد سعوديون أنفسهم مضطرين إلى تقديم بدائل عديدة ومختلفة سواء إلى زوجاتهم أو أبنائهم، بينما كان أمر العرسان الجدد الذين يعتزمون إتمام زيجاتهم في العطلة الصيفية أكثر صعوبة، فإلغاء خطط قضاء شهر العسل في وجهة سياحية شهيرة، اضطرهم إلى تقديم هدايا فاخرة لاستمالة قلوب العرائس اللواتي كن ينتظرن قدوم الصيف وإتمام الزفاف ومن ثم حزم الحقائب لقضاء شهر العسل بعيداً عن لهيب صيف المدن الحارة وغبارها الذي لا ينقشع.
وجاءت البدائل متنوعة وتراوحت ما بين مادية واحتفالية لصرف النظر عن مسألة السفر إلى الخارج، حيث قام بعض أرباب الأسر بتنظيم حفلات عائلية وتقديم هدايا مادية مختلفة مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة "اللاب توب"، وأجهزة جوال للأبناء المتفوقين دراسياً، بينما حظيت الزوجات بهدايا ثمينة من الذهب والجواهر وبعض خواتم الألماس، أما العرسان الجدد، فبالإضافة إلى تقديمهم للهدايا الباهظة، إلا أنهم اضطروا أيضاً إلى استبدال وجهات سفرهم من وجهات عالمية إلى مصايف محلية داخلية تشتهر بطقسها المعتدل، مثل مدن أبها والباحة والطائف في داخل المملكة.
ويقول ثابت عسيري، أحد أرباب الأسر السعودية التي كانت تعتزم التوجه في الإجازة الصيفية إلى ماليزيا، ولكنه اضطر إلى تغيير خطته، اعتدت في بداية كل عام دراسي أن أضع خيارات تحفيزية لأبنائي لحثهم على التفوق والنجاح في الدراسة، وقد وقع اختيار الأبناء هذا العام بالإجماع على رحلة سفر سياحية إلى ماليزيا، وللأسف اضطررت إلى تغيير هذا الوعد مؤخراً، بسبب تفشي مرض أنفلونزا الخنازير، وقد أثار موقفي هذا غضب أولادي واستهجانهم، مما دفعني إلى تقديم بدائل أخرى مادية وسياحية لاسترضائهم، حيث اختار أبنائي الذكور شراء أجهزة كمبيوتر محمولة "لاب توب"، وكذلك استبدال أجهزة هواتفهم النقالة القديمة بأخرى جديدة، فيما اختارت الفتيات السياحة الداخلية والذهاب في جولة برية بواسطة السيارة على عدد من المدن تبدأ من مكة وجدة والمدينة المنورة، مروراً بالطائف، ووصولا إلى الباحة ثم العودة إلى أبها.
وكانت الاحتفالات العائلية والولائم الشبابية حلا بديلا آخر اختاره أبناء محمد آل فايع والذي كلفه مجرد التنسيق لمثل هذه الحفلات أكثر من خمسة آلاف ريال للحفلة الواحدة، وفي هذا الخصوص يقول آل فايع وهو أب لشابين وثلاث فتيات: "اضطررت إلى القبول ببدائل أبنائي التي اختاروها كحلول بديلة عن تراجعي عن وعدي لهم لهذا العام بالسفر للدولة التي يختارونها، لأسباب صحية ودرءاً للعدوى الناجمة عن الاختلاط بالمصابين بمرض أنفلونزا الخنازير، فكانت إقامة حفلة عائلية نجمع فيها كافة أفراد الأسرة، ونقيم احتفالا بفندق فاخر أو في البر من خلال رحلات الشواء البرية هي الحل البديل، وحيث كلفني مجرد التنسيق لمثل هذه الاحتفالات مبالغ باهظة تجاوزت الخمسة آلاف ريال من حجز للفندق وللعشاء ولكعكات الاحتفال ولوازمه من شموع وبالونات وبطاقات الدعوة للحاضرين وهدايا مادية كالعطور الفاخرة، التي يتم تقديمها كهدايا إلى الأبناء في نهاية الاحتفالات.
وأمام إصرار خطيبة المواطن علي الحربي، أحد المقبلين على الزواج في العطلة الصيفية، وعدم قدرته على الوفاء بوعده لخطيبته بالسفر في رحلة رومانسية إلى فينيسيا – مدينة الحب كما تسمى في إيطاليا - أواسط شهر رجب الحالي، خوفاً من الإصابة بعدوى أنفلونزا الخنازير، اضطر الحربي إلى وضع الكرة في ملعب خطيبته، وإتاحة الفرصة لها لكي تختار بدائل سياحية مرضية وآمنة، فاختارت السياحة الداخلية وأداء مناسك العمرة ثم الإقامة في جدة طيلة شهر العسل وحضور كافة فعاليات المهرجانات السياحية هناك.
وتذمرت سلوى العمري وهي مقبلة على الزواج من اعتذار خطيبها عن وعده لها بالسفر إلى جزر المالديف لقضاء شهر العسل بسبب خوفه من إصابتهما بالعدوى جراء انتشار مرض أنفلونزا الخنازير، مبينة أنها فرحة عمرها، وفرصة العمر التي كانت تحلم بها طيلة عمرها، فيما حال هذا الأمر الطارئ دون تحقيق هذا الحلم.
ومن جهتها قالت رندة عايد وهي إحدى منسقات حفلات الأطفال المنزلية إنه في العادة يزداد إقبال الناس على تنسيق حفلات أبنائهم الناجحين في نهاية الاختبارات، فيما زاد الإقبال خلال هذه الأيام على الاحتفالات بمختلف مسمياتها بشكل كبير، سواء للأبناء الناجحين أو لمجرد رغبة بعض الأسر بتنظيم احتفالات والاجتماع بالأقارب والمعارف، إذ أضحت الحفلات بدائل إيجابية عن لجوء الأسر للسفر كمكافأة لنجاح أبنائهم، حيث حال تفشي مرض أنفلونزا الخنازير عن قيامهم بمثل تلك السفرات.
ومن جانبه يقول الأخصائي الاجتماعي بمديرية الشؤون الصحية بالجوف خلف الشمري: "إن مسألة وعد الأبناء بهدايا معينة قبل انتهاء العام الدراسي مسألة سلبية وإيجابية في آن معا، فهي إيجابية من جانب التحفيز المعنوي لبذل الأبناء جل جهدهم للحصول على رضا الوالدين، وبالتالي نيل المكافآت التي تنتظرهم، فيما هي سلبية بسبب عدم معرفة الأب مدى إمكانية تحقيقه لهذه الأمنية مستقبلا سواء من الناحية المادية كمن يعد ابنه بشراء سيارة مثلا حين تخرجه، ثم يفاجأ الأب بأزمة مالية نهاية العام تضطره للاعتذار عن تنفيذ الوعد، أو من ناحية حلول الأمور الطارئة كمرض أنفلونزا الخنازير الذي حال دون سفر آلاف الأسر ممن وعدوا أبناءهم بالسفر حين نجاحهم إلى الخارج.
وينظر الشمري إلى الوعد بمكافأة مادية حسية للزوجة أو الخطيبة أو الأبناء على أنه مسألة سلبية من جهة أنها تعزز فكرة انتظار المقابل بشكل دائم في نفوس الأبناء نظير ما يفعلون، حتى وإن كان هذا الذي يقومون به في مصلحتهم هم بالمقام الأول، وقد لا يحتاجون إلى مكافأة على النجاح لأنهم هم المستفيدون منه برسم معالم إيجابية لمستقبلهم القريب، أما ما يتعلق بإخلاف الزوج لخطيبته بوعده لها بالسفر في شهر العسل فهو أمر يخضع لشخصية الطرفين، فيجب أن يقنعها بطريقة ما بأن هذا الأمر طارئ، والأهم ألا يعدها برحلة سفر بديلة لأنه لا يثق أيضا من مواتاة الظروف وقدرته على التنفيذ بعد تكالب مسؤوليات الحياة الزوجية وتكاليف الحياة المادية، وسيكون إخلاف الوعد للمرة الثانية أمراً سلبياً نفسيا على كلا الطرفين، ولهذا فمن الأفضل أن يعدها فقط بالسياحة الداخلية وليعتذر بطريقة ما عن عدم قدرته على السفر إلى وجهات سياحية عالمية، فيما على الزوجات تفهم الأمر، وقد تكون المبادرة من الزوجة برفض السفر خشية الإصابة بالعدوى هي الأجدى إذ إن ذلك سيرفع من شأنها لدى الزوج، وستكفيه عبء الإحراج من الاعتذار لها عما وعدها به.
وعن البدائل التحفيزية التي طرحها الآباء والأزواج كحلول بديلة عن إخلافهم لوعد السفر يقول الشمري: "الأب هنا مضطر لطرح بديل لأنه استعد منذ البداية بالوعد بالمكافأة، التي أخذت حيزا كبيرا من تمني وحلم الابن، فيجب أن يملأ الأب أو الأم هذه الثغرة ببديل إيجابي ومقارب للوعد السابق".
واعتبر الشمري أنه من الخطأ الفادح نسج العلاقات وأواصر المحبة بين الزوجين أو الخطيبين أو بين الآباء وأبنائهم على أسس مادية ووعود غير قابلة للتحقيق، كما شدد على أن الهدية ومكافأة النجاح لا بد أن تكون بقيمتها المعنوية وليست المادية، ولا بد للآباء من جانب تربوي بحت أن يغرسوا عند أبنائهم مسألة عدم ضرورة انتظار المقابل بعد أي عمل إيجابي يقومون به، فلابد أن يتفهم الأبناء أن نجاحهم هم أول المستفيدين منه، وبالتالي عدم بذل التعب والاستذكار بدافع إرضاء الوالدين وحسب، فإرضاء الذات، ومعرفة قيمة النجاح العائدة على الطالب نفسه أمر لابد أن يُغرس في نفوس أبنائنا. وفيما يتعلق بشهر العسل فإن اختلاق أمر السفر خلاله هو من باب قضاء أجمل الأوقات بين الزوجين في أول شهر يجمعهما معاً، فيما لابد من غرس فكرة أن الأيام كلها لا بد أن تكون شبيهة بشهر العسل بين الزوجين، وأن السفر ما هو إلا مكافأة رومانسية مقترحة بإمكان الزوجين التعويض عنها بأمور شتى تجمع لهما مشاعرهما دون الحاجة إلى تكبد عناء السفر والتضرر من سلبياته خاصة الطارئة مثل الخوف من الإصابة بعدوى أنفلونزا الخنازير التي عمت مختلف دول العالم مؤخراً.

يسلمو يالغ ـلآ

عـلى الطرح

نورتي

نورتي